اعتقالات وفوضى في باريس احتجاجا على إقرار الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون مشروع "إصلاح التقاعد" دون تصويت في البرلمان
اختار الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الخميس تمرير مشروع إصلاح نظام التقاعد المثير للجدل من دون تصويت في الجميعة الوطنية، بحسب مصادر قريبة من الحكومة، ما أثار استهجاناً داخل الجمعية في بداية اجتماعها الذي يفترض أن تصوت فيه على المشروع.
وأثار المشروع تظاهرات وإضرابات في فرنسا. ووصل إلى مرحلته النهائية الخميس، إذ كان يفترض عرضه على تصويت النواب. ومن الواضح أن قرار ماكرون إقراره قبل التصويت يدلّ على عدم تمكن فريقه من حشد أكثرية في الجمعية الوطنية تكّن من إقراره.
في هذا السياق، أعلنت المعارضة الفرنسية اليمينية المتطرفة الخميس أنها ستقدم اقتراحا بسحب الثقة من الحكومة بعد قرار الرئيس إيمانويل ماكرون المصادقة على إصلاح نظام التقاعد المثير للجدل من دون تصويت في الجمعية الوطنية.
واعتبرت مارين لوبن، مرشحة اليمين المتطرف في الانتخابات الرئاسية لعام 2022 والتي تقود نواب حزب التجمع الوطني، أن القرار "فشل ذريع" للرئيس ماكرون ورئيسة وزرائه إليزابيت بورن التي "لا يمكن أن تبقى" في منصبها.
وكان مجلس الشيوخ حيث يحظى التحالف الداعم للرئيس بالغالبية، صوّت صباح الخميس من دون مفاجآت لصالح الإصلاح الذي يرفع سنّ التقاعد من 62 إلى 64 عاماً.
ويراهن ماكرون بالكثير من رصيده السياسي على المشروع الذي يمثّل أهم برامجه الإصلاحية خلال ولايته الرئاسية الثانية.
واجتمع الرئيس صباح الخميس في قصر الإليزيه مع قادة الكتل الداعمة له، وكان أمام خيارين: إما الذهاب إلى تصويت نتيجته غير محسومة أو تمرير الحكومة مشروع القانون دون تصويت مستندة إلى بند دستوري يتيح لها ذلك.
وكان ماكرون قد أعلن مساء الأربعاء أنه "يريد إجراء تصويت" الخميس. وقالت شخصيات من محيطه إنه "يجب تعبئة جميع البرلمانيين بروح من المسؤولية". ويحتاج المشروع إلى دعم نواب من حزب اليمين التقليدي غير المشارك في الائتلاف الحكومي.
وأقرّ عضو برلماني بارز في الغالبية الحكومية بأن "الخسارة ممكنة" في التصويت، مدركاً أن المشروع رهن بضعة أصوات وأن الحكومة والمعارضة منخرطتان في حسابات محمومة.
ومنذ 19 يناير، تظاهر آلاف الفرنسيين في ثماني مناسبات للتعبير عن رفضهم لهذا الإصلاح. كما نُظمت إضرابات في قطاعات عدة منها قطاع عمال النظافة في باريس، ما جعل القمامة تتراكم فوق أرصفة العاصمة الفرنسية، إحدى أبرز المدن السياحية في العالم.
ويعتبر معارضو الإصلاح النص "غير عادل" خصوصا بالنسبة للنساء والعاملين في وظائف صعبة. وتظهر استطلاعات الرأي المختلفة أن غالبية الفرنسيين رافضون له.
واختارت الحكومة الفرنسية رفع سن التقاعد القانوني استجابة للتدهور المالي لصناديق التقاعد وتهرم السكان. ولم تتفاعل الحكومة الفرنسية كثيراً مع الإضرابات وأيام التعبئة التي نفذت منذ 19 يناير، واستخدمت أحكاماً دستورية نادراً ما يتم اللجوء إليها لتسريع النقاش في البرلمان حيث حاولت المعارضة إبطاء النقاشات حول المشروع.
ودعت النقابات العمالية مساء الأربعاء "البرلمانيين رسمياً إلى التصويت ضد مشروع قانون" إصلاح نظام التقاعد، وأضافت "هذا الرفض (…) سيكون متوافقاً مع الإرادة العامة التي تم التعبير عنها على نطاق واسع في النقاش العام".
وستعقد النقابات مؤتمراً صحافياً أمام مقرّ الجمعية الوطنية الخميس الساعة 12,30 بالتوقيت المحلي (11,30 ت غ) في محاولة أخيرة للتأثير على مجريات التصويت.
وتظاهر أكثر من 1,5 مليون شخص في فرنسا الأربعاء وفق النقابات، فيما قدّرت وزارة الداخلية عددهم بـ480 ألف متظاهر.
كما استمرت الإضرابات الأربعاء تنديداً بإصلاح نظام التقاعد في قطاعات عدة رئيسية (النقل، الكهرباء والغاز، وغيرها).
وتراكمت القمامة في العاصمة الأربعاء، وهو اليوم العاشر من إضراب عمال النظافة في أحياء معيّنة من باريس.
وبحسب مجلس بلدية المدينة، فإن نحو 7600 طن من النفايات تجمّع على الأرصفة. وأعلن محافظ شرطة باريس لوران نونيز إنه سيصدر قرار تسخير لإجبار العمال على رفع القمامة في ظل تدهور الوضع الصحي في عاصمة السياحة العالمية.